كُن أبا ذر

 غزوة تبوك

----------------

يا رسول الله قد تخلف عنا فلان فيرد الرسول أتركوه فإن كان خيرا سيلحق بنا و إن كان شرا فقد أبعده الله عنا

 فقال القوم يا رسول الله قد تخلف أبا ذر... 

و قد كان بعير أبا ذر بطء فتركه و أخذ متاعه و مشي ، فقال الناس هناك رجل قادم على قدميه 

قال الرسول "كُن أبا ذر" فقال القوم أنه هو يا رسول الله ، هو ابا ذر

فقال الرسول صلى الله عليه و سلم " رحم الله أبا ذر يمشي وحده ، ويموت وحده ، و يبعث وحده"

 ************************************************

مشاعر مختلفة أختلطت علي تلك الأيام الماضية، قد رحل رجل أعتبرته أبي و لست بصدد أن أكتب مرثيه عنه الآن فالمشاعر أقوى من الكتابة في هذه اللحظة و لازلت أبكيه.

ولكن امرا ما أثار في الرغبة في التحدث عن أبا ذر الغفاري الصحابي الجليل و المقاتل الصنديد ، قليل الكلام و الفقير بالمعنى المادي للكلمة و الغني بالمعنى الروحاني لها، أبو ذر الشديد في الحق ، الحاد في الطباع و الذي لم يترك له الحق صديق كان فقيرا قبل الإسلام و كان زاهدا بعد الإسلام و مات على حاله و لم يكن له ولدا.

أما لمَ تذكرته؟ فالعلاقة بعيدة ربما كلمات أبي أحمد خالد توفيق عن أن جنازته سوف تكون رائعة و أنه بالتأكيد سوف يحضرها و إن كان لن يراها ، كم كانت ضخمة و مهيبة و روحانية بكل ما تحمله الكلمة من معان، و ذهبت بمخيلتي بعيدا أو ربما قريبا ، كيف أريد أن تكون جنازتي.

و هنا تذكرت أبا ذر الغفاري... و لمن لا يعلم من هو ابو ذر الغفاري، هو أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و يقال أنه رابع أو خامس من دخل في الاسلام، كان من قبيلة غفارة و التي كانت تقع على طريق القوافل الحجاز و الشام و كانت القبيلة تغير على القوافل و تتكسب رزقها من قطع الطريق.

دخل أبو ذر الإسلام بعد أن سمع عن نبي موحد و قد كان هو موحد بالفطرة، فذهب إلى مكة و قابل علي رضي الله عنه و الذي أرشده إلى النبي و أشهر أبا ذر إسلامه في حضرة النبي ، ثم خرج على قريش ليلقى الشهادة أمامهم فما كان منهم إلا أن ضربوه حتى أوقعوه أرضا،فأتى العباس عم الرسول قائلا أتدرون من هذا أنه من قبيلة غفارة و قد تغير قبيلته عليكم إن أذيتموه فتركوه و ذهب بأمرمن رسول الله يدعو قومه إلى الإسلام.

أما ما يخصني من ذكر أبا ذر هو كيف عاش و كيف مات، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم أنتقل أبو ذر إلى الشام مع سيدنا عمر بن الخطاب عند فتح القدس الشريفة و استقر هناك يعلم الناس أمور دينهم، فقال عنه معاوية بن أبي سفيان أنه أفسد عليه الشام فقد أختلفا في تقسير الآية الكريمة
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ   

فيمن نزلت، حيث قال معاوية نزلت في أهل الكتاب، بينما قال أبو ذرنزلت فينا وفيهم، فكتب معاوية يشكوه إلى الخليفة عثمان بن عفان بأنه أفسد عليه الشام.

عاد ابو ذر إلى المدينة و ظل يدعو الناس بنفس الطريقة مما جعل سيدنا عثمان بن عفان يعامله بجفاء و في مواضع أخرى بحذر.

 فبعد أبو ذر و ذهب  إلى الربذة مدينة صغيرة شرق المدينة المنورة و عاش فيها فقيرا ووحيدا حتى وافته المنية و قد كان أبا ذر و زوجه و غلامه وحدهم على أطراف المدينة فلما أتاه الموت قال لزوجه إن أتاني الموت فغسلاني و كفناني و أخرجا بي على الطريق فأول ركب يمر فقولا هذا أبو ذر و قد مر بالفعل ركب من الكوفة كان به الصحابي عبد الله بن مسعود الذي قام بالجنازة و بالصلاة عليه.

أحب أبا ذر، و أحب سيرته، و أحب أن أظل أقول قولة الحق حتى و إن تركتني دون صديق، أود أن أظل حقيقية وأن أسلك الطريق وحدي.

أما عن جنازتي أتوقع ألا تكون مهيبة و ضخمة و لكن أنا متأكدة من أنها ستتضمن أولئك الذين عرفوني كما أنا.