من أكثر العلاقات الإنسانية التي ابهرتني علاقة خديو مصر إسماعيل باشا و أخيه في الرضاعة إسماعيل صديق دونالي مصطفى باشا أخيه في الرضاعة
البدايات :
ولد الخديو إسماعيل في 31 ديسمبر 1830 في قصر المسافر خانة لوالده إبراهيم باشا أبن محمد علي والي مصر و والدته خوشيار هانم قادين
يقال أن إسماعيل صديق ابن دونالي أغا بك ولد في ذات الشهر أو سبقه بشهر واحد المهم أن والدة إسماعيل صديق كانت الصديقة المقربة لخوشيار هانم و أرضعت الخديو إسماعيل مع أبنها إسماعيل صديق ، بحكم علاقة الوالدتين كبرا الفتيان سويا و بحكم بعد إسماعيل عن أخويه غيرا الشقيقين أحمد رفعت و مصطفى فاضل كان قريبا جدا من إسماعيل صديق ، ثم تولى الوالي عباس الحكم بعد وفاة الوالي إبراهيم ، عباس كان ابن عم الخديو إسماعيل و كان يكن كراهية شديدة له ، ترك إسماعيل (الخديو) مصر و ذهب إلى الأستانة حيث عهد إليه السلطان العثماني بالعديد من المهام و نال حظوة في بلاط الخلافة و علاقات واسعة .
في ذات الوقت كان إسماعيل( الآخر) يتقرب من السلطة في مصر بطريقته ، حيث عهد إليه الوالي عباس بالإشراف على الركاب (إسطبلات القصور ) و هو شرف رفيع و بلغت وقتها ثروته الشخصيه بعيده عن ثروة والدة 800 فدان. تدرج و اقترب من البلاط الملكي حتى أصبح مفتش الدارئرة السنية، و أنعم عليه بلقب باشا و ووسام الدولة العثمانية من السلطان العثماني في في عهد الوالي سعيد.
في عهد الوالي سعيد و ذلك بعد عودة إسماعيل (الخديو ) من الأستانة و تقربه من عمه الوالي سعيد ، لا أحد يعلم على وجه التحديد هل كان لإسماعيل (الخديو) دورا في نيل (المفتش ) تلك النياشين ؟؟؟!!!
كان الأمير أحمد رفعت هو ولي العهد الرسمي لمصر و هو أخو الخديو إسماعيل غير الشقيق ، خطوة واحدة بينه و بين حكم مصر ، و كان المفتش يعلم انه إذا وصل إسماعيل إلى حكم مصر وصل هو معه و عليه كانت هناك عقبة واحدة يجب إزالتها .
وفاة الأمير أحمد رفعت
كان الوالي عباس قد عين إسماعيل صديق المفتش ناظرا للوجة البحري و مسئولا عن بناء خط قطار سكة حديد بين القاهرة و الإسكندرية و في نفس الوقت كان إسماعيل الخديو هو ساريدار الجيش و الموفد الرسمي للوالي سعيد.
في سنة 1858، أقام سعيد باشا وليمة كبيرة بالإسكندرية دعا إليها جميع أمراء الأسرة، بمن فيهم ولي العهد رفعت باشا، وبعد انتهاء الوليمة عاد رفعت باشا وبصحبته الأمير عبد الحليم بن محمد علي وبعض رجال الحاشية بقطار خاص إلي القاهرة، وتصادف عند وصول القطار إلي كوبري كفر الزيات أن الكوبري كان مفتوحاً لمرور السفن، ولم ينتبه السائق لهذا الخطر، فسقط القطار في النيل وغرق كل من فيه إلا الأمير عبد الحليم باشا، وبذلك وجد إسماعيل نفسه فجأة وليًا للعهد بحكم فرمان الوراثة.
الخديو و الخديو الصغير
تولى إسماعيل الحكم بعد وفاة الوالي سعيد بعد صراعا مع السرطان استمر اعواما
و كان اول ما فعل أن نقل صلاحيات الخديو في فصل و تعيين حكام و عمداء و مستخدمين الأقاليم لإسماعيل المفتش و هي أحد أهم صلاحيات الخديو ثم عينه ناظرا للمالية ثم ناظرا للمالية و الأوقاف .
زاد نفوذ ومال و سطوة المفتش الذي أصبح في بعض الأحيان أقوى من الخديو شخصيا
مما أوغر صدر العائلة العلوية ضده و لكن الأمر لم يهمه ، فهو ينفذ للخديو ما يريد ، يوفر المال و يضرب الضرائب حتى على الأجانب و كانت المالية في عهده من أضبط ما يكون على الرغم من فساده و تلقيه الرشاوي.
وفر للخديو المال اللازم ليطور و يكبر مصر كما رأى و حلم ، و لكن البئر نفذ و لم يعد في أستطاعة المفتش فرض المزيد من الضرائب فكانت الاستدانة ، عارضها المفتش بقوة و لكن الخديو أصر عليها
في العام 1872 أنعم السلطان العثماني على الخديو إسماعيل بلقب خديو و توريث الحكم لاكبر أبناءه هو وليس أبناء محمد علي مقابل زيادة الجزية مما ارهق مصر أكثر.
تحسس إسماعيل المفتش الخطر بعد إصدار كل من إنجلترا و فرنسا أكبر دائني مصر لجنتين برئاسة جوشن و جوبيير لمراقبة حسابات مصر بعد عشر سنوات من الأستدانة
و كان ذلك في العام 1876 إلا أن المفتش رفض رفضا باتا التدخل في مالية مصر من الأجانب مما أدى إلى أشتعال الخلاف بينه و بين إسماعيل الذي تحسس أنه أصبح بلا سند و أنه عرضه لأحتلال حقيقي إن لم ينصاع لأوامر الإنجليز.
زاد من حدة الخلاف أن ولي العهد توفيق كان من العناصر المعترضة على وجود إسماعيل المفتش و قربة من السرايا و حتى العلاقات الأسرية التي ربطته بالخديو إسماعيل متمثلة في زواج ابنه الخديو إسماعيل المتبناة فايقة هانم من مصطفى ابن أسماعيل المفتش .
عزل الخديو المفتش صديق و عمره و اخيه كما كان يقول عن وزارة المالية و حدد إقامته في قصر المقتش في لاظوغلي ، و لكن هذا لم يكن كافيا بالنسبة لجوبيير و جوشن و مصطفى فهمي باشا (رجل الإنجليز الأول) و توفيق .
أختفاء إسماعيل المفتش
الثابت تاريخيا أن آخر مرة شوهد فيها إسماعيل باشا المفتش كانت صباح يوم الجمعة 8 نوفمبر 1876 ، حيث زاره في قصره الخديو شخصيا و اصطحبه معه في ركابه الملكي إلى أستراحة النيل (ماريوت الزمالك حاليا)
و بعد ذلك لم يعرف أحدا شيئا عن المفتش
و تم إعلانه متوفا في الثامن عشر من نوفمبر من نفس العام
نهاية الخديو
بعد إعلان وفاة إسماعيل المفتش و تلقي الخديو العزاء في أخيه في الرضاعة ، تم قبول إشراف لجنة جوشن و جوبيير على مالية مصر و تم تحديد مصروفات الخديو إسماعيل و تحديد ميزانيات حفلاته و سفراته .
يقال أن الخديو أنعزل بعد وفاة إسماعيل المفتش، يقال انه فقد الرغبة في البذخ اصلا، يقال أنه فقد نصف روحه التي كانت تشاركه ملذاته و خمره و حريمه .
عزل توفيق والده بعدها بثلاث سنوات و ترك إسمايعل مصر و عاش مع زوجاته و ابناءه رشيد و فؤاد في الأستانه حيث مات في العام 1895 ونقل جثمانه إلى مصر و دفن فيها.
ما قيل عن وفاة إسماعيل المفتش
يقال أنه حبس في استراحة النيل حتى المساء ثم أصطحبه قاتل عثماني شهير في سفينة في النيل و قتله قرب حلوان ( كان يقتل بالضغط على الخصيتين حتى الموت) ثم بعد موته وضع في شوال مع حجر و رمي في النيل
يقال أنه بعد وصوله استراحة النيل وجد في أنتظاره مصطفى باشا فهمي و الضابط العثماني إسحق بك و الذين اصطحباه ليلا في باخرة لتنقله إلى استراحة دنقلة في حلوان و في الطريق استشعر المفتش ان الطعام مسموم فظل يشرب الشمبانيا (مشروبه المفضل ) حتى تأكد الضابط إسحق بك من موته ثم انتزع خاتم المفتش من رقبته و هنا عضه إسماعيل المفتش و قطع إصبعه ، بعدها ألقى به إسحق بك في النيل .